حقيقة قصة "أبي بكر الصديق ودغفل"

29/03/2012 06:40

 

حقيقة قصة "أبي بكر الصديق ودغفل"
 
قد أصبحت من المسلمات في هذا الزمان قصة محاورة "أبي بكر الصديق رضي الله عنه" و "دغفل بن حنظله رضي الله عنه " , التي ذكر فيها أشياء تعيب في نسب سيدنا أبي بكر الصديق , وهذا خطأ من عدة دلائل , أولها ما يلي :
 
1- ذكر في عدد غير قليل من المصادر – منها على سبيل المثال "الاستيعاب في معرفة الاصحاب لابن عبد البر -  ان نسابة قريش في زمانه "مصعب الزبيري" , وطائفة من أهل النسب قالوا :
 
(( إنما سمى أبو بكر عتيقا , لأنه لم يكن في نسبه شيئ يعاب به )).
 
فهذا قول نسابة قريش وطائفه من أهل النسب , فكيف يقال ان نسب سيدنا أبي بكر الصديق به ما يشين .
 
2- كل الروايات التي رويت في حديث "أبي بكر الصديق ودغفل بن حنظلة" حكمها كالأتي : -
(( ملاحظة : مصدر التخريج لهذه الأحاديث منقولة من موقع الدرر السنية الشهير ))
 
1-      غريب جدا
2-      إسناده مجهول
3-      فيه " محمد بن زكريا الغلابي " وهو متروك
 
وإليكم أنقل روايات هذا الحديث مع تخريجها  :
 
1- عن علي بن أبي طالب قال لما أمر الله رسوله أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر إلى منى حتى دفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر رضي الله عنه فسلم وكان أبو بكر مقدما في كل خير وكان رجلا نسابة فقال ممن القوم قالوا من ربيعة قال وأي ربيعة أنتم أمن هامها أم من لهازمها قالوا بل من هامها العظمى قال أبو بكر فمن أي هامتها العظمى فقال ذهل الأكبر قال لهم أبو بكر منكم عوف الذي كان يقال لا حر بوادي عوف قالوا لا قال فمنكم بسطام بن قيس أبو اللواء ومنتهى الأحياء قالوا لا قال فمنكم الحوفزان بن شريك قاتل الملوك وسالبها أنفسها قالوا لا قال فمنكم جساس بن مرة بن ذهل حامي الذمار ومانع الجار قالوا لا قال فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة قالوا لا قال فأنتم أخوال الملوك من كندة قالوا لا قال فأنتم أصهار الملوك من لخم قالوا لا قال لهم أبو بكر رضي الله عنه فلستم بذهل الأكبر بل أنتم ذهل الأصغر قال فوثب إليه منهم غلام يدعى دغفل بن حنظلة الذهلي حين بقل وجهه فأخذ بزمام ناقة أبي بكر وهو يقول إن علي سائلنا أن نسأله والعبء لا نعرفه أو نحمله يا هذا إنك سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئا ونحن نريد أن نسألك فمن أنت قال رجل من قريش فقال الغلام بخ بخ أهل السؤدد والرئاسة قادمة العرب وهاديها فمن أنت من قريش فقال له رجل من بني تيم بن مرة فقال له الغلام أمكنت والله الرامي من سواء الثغرة أفمنكم قصي بن كلاب الذي قتل بمكة المتغلبين عليها وأجلى بقيتهم وجمع قومه من كل أوب حتى أوطنهم مكة ثم استولى على الدار وأنزل قريشا منازلها فسمته العرب بذلك مجمعا وفيه يقول الشاعر أليس أبوكم كان يدعى مجمعا به جمع الله القبائل من فهر فقال أبو بكر لا قال فمنكم عبد مناف الذي انتهت إليه الوصايا وأبو الغطاريف السادة فقال أبو بكر لا قال فمنكم عمرو بن عبد مناف هاشم الذي هشم الثريد لقومه ولأهل مكة ففيه يقول الشاعر عمرو العلا هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف سنوا إليه الرحلتين كليهم عند الشتاء ورحلة الأصياف كانت قريش بيضة فتفلقت فالمح خالصة لعبد مناف الرايشين وليس يعرف رايش والقائلين هلم للأضياف والضاربين الكبش يبرق بيضه والمانعين البيض بالأسياف لله درك لو نزلت بدارهم منعوك من أزل ومن إقراف فقال أبو بكر لا قال فمنكم عبد المطلب شيبة الحمد وصاحب عير مكة ومطعم طير السماء والوحوش والسباع في الفلا الذي كأن وجهه قمر يتلألأ في الليلة الظلماء قال لا قال أفمن أهل الإفاضة أنت قال لا قال أفمن أهل الحجابة أنت قال لا قال أفمن أهل الندوة أنت قال لا قال أفمن أهل السقاية أنت قال لا قال أفمن أهل الرفادة أنت قال لا قال فمن المفيضين أنت قال لا ثم جذب أبو بكر رضي الله عنه زمام ناقته من يده فقال له الغلام صادف در السيل در يدفعه يهيضه حينا وحينا يرفعه ثم قال أما والله يا أخا قريش لو ثبت لخبرتك أنك من زمعات قريش ولست من الذوائب قال فأقبل إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم قال علي فقلت له يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة فقال أجل يا أبا الحسن إنه ليس من طامة إلا وفوقها طامة والبلاء موكل بالقول قال ثم انتهينا إلى مجلس عليه السكينة والوقار وإذا مشايخ لهم أقدار وهيئات فتقدم أبو بكر فسلم قال علي وكان أبو بكر مقدما في كل خير فقال لهم أبو بكر ممن القوم قالوا من بني شيبان بن ثعلبة فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بأبي أنت وأمي ليس بعد هؤلاء من عز في قومهم وفي رواية ليس وراء هؤلاء عذر من قومهم وهؤلاء غرر في قومهم وهؤلاء غرر الناس وكان في القوم مفروق بن عمرو وهانئ بن قبيصة والمثنى بن حارثة والنعمان بن شريك وكان أقرب القوم إلى أبي بكر مفروق بن عمرو وكان مفروق بن عمرو قد غلب عليهم بيانا ولسانا وكانت له غديرتان تسقطان على صدره فكان أدنى القوم مجلسا من أبي بكر فقال له أبو بكر كيف العدد فيكم فقال له إنا لنزيد على ألف ولن تغلب ألف من قلة فقال له فكيف المنعة فيكم فقال علينا الجهد ولكل قوم جد فقال أبو بكر فكيف الحرب بينكم وبين عدوكم فقال مفروق إنا أشد ما نكون لقاء حين نغضب وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد والسلاح على اللقاح والنصر من عند الله يديلنا مرة ويديل علينا لعلك أخو قريش فقال أبو بكر إن كان بلغكم أنه رسول الله فها هو هذا فقال مفروق قد بلغنا أنه يذكر ذلك ثم التفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وقام أبو بكر يظله بثوبه فقال أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله وأن تؤووني وتنصروني حتى أؤدي عن الله الذي أمرني به فإن قريشا قد تظاهرت على أمر الله وكذبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد قال له وإلى ما تدعو أيضا يا أخا قريش فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا } إلى قوله { ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } فقال له مفروق وإلى ما تدعو أيضا يا أخا قريش فو الله ما هذا من كلام أهل الأرض ولو كان من كلامهم لعرفناه فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون } فقال له مفروق دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة فقال وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا فقال له هانئ قد سمعت مقالتك يا أخا قريش وصدقت قولك وإني أرى إن تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر لم نتفكر في أمرك وننظر في عاقبة ما تدعو إليه زلة في الرأي وطيشة في العقل وقلة نظر في العاقبة وإنما تكون الزلة مع العجلة وإن من ورائنا قوما نكره أن نعقد عليهم عقدا ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة فقال وهذا المثنى شيخنا وصاحب حربنا فقال المثنى قد سمعت مقالتك واستحسنت قولك يا أخا قريش وأعجبني ما تكلمت به والجواب هو جواب هانئ بن قبيصة وتركنا ديننا واتباعنا إياك لمجلس جلسته إلينا وإنا إنما نزلنا بين صريين أحدهما اليمامة والآخر السماوة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هذان الصريان فقال له أما أحدهما فطفوف البر وأرض العرب وأما الآخر فأرض فارس وأنهار كسرى وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى أن لا نحدث حدثا ولا نؤوى محدثا ولعل هذا الأمر الذي تدعونا إليه مما تكرهه الملوك فأما ما كان مما يلي بلاد العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول وأما ما كان يلي بلاد فارس فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول فان أردت أن ننصرك ونمنعك مما يلي العرب فعلنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق إنه لا يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه ثم قال رسول الله أرأيتم إن لم تلبثوا إلا يسيرا حتى يمنحكم الله بلادهم وأموالهم ويفرشكم بناتهم أتسبحون الله وتقدسونه فقال له النعمان بن شريك اللهم وإن ذلك لك يا أخا قريش فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا } ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم قابضا على يدي أبي بكر قال علي ثم التفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا علي أية أخلاق للعرب كانت في الجاهلية ما أشرفها بها يتحاجزون في الحياة الدنيا قال ثم دفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج فما نهضنا حتى بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم قال علي وكانوا صدقاء صبراء فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم من معرفة أبي بكر رضي الله عنه بأنسابهم قال فلم يلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يسيرا حتى خرج إلى أصحابه فقال لهم احمدوا الله كثيرا فقد ظفرت اليوم أبناء ربيعة بأهل فارس قتلوا ملوكهم واستباحوا عسكرهم وبي نصروا قال وكانت الوقعة بقراقر إلى جنب ذي قار
 
 
الراوي: علي بن أبي طالب
 المحدث: ابن كثير
 
 المصدر: البداية والنهاية – الصفحة أو الرقم: 3/139
خلاصة حكم المحدث: غريب جدا وقد ورد من طريق أخرى
 
----------------
2- لما أمر الله تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب ، خرج وأنا معه ، وأبو بكر رضي الله عنه ، فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب ، فتقدم أبو بكر رضي الله عنه وكان مقدما في كل خير ، وكان رجلا نسابة فسلم ، وقال : ممن القوم ؟ قالوا : من ربيعة . قال : وأي ربيعة أنتم ؟ أمن هامها أي : من لهازمها ؟ فقالوا : من الهامة العظمى ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : وأي هامتها العظمى أنتم ؟ قالوا : من ذهل الأكبر ، قال : منكم عوف الذي يقال له : لا حر بوادي عوف ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم جساس بن مرة حامي الذمار ، ومانع الجار ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم بسطام بن قيس : أبو اللواء ، ومنتهى الأحياء ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم أخوال الملوك من كندة ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم أصحاب الملوك من لخم ؟ قالوا : لا ، قال : أبو بكر : فلستم من ذهل الأكبر أنتم من ذهل الأصغر ، قال : فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له : دغفل حين تبين وجهه فقال : إن على سائلنا أن نسله والعبو لا نعرفه أو نجهله ، يا هذا قد سألتنا فأخبرناك ، ولم نكتمك شيئا فممن الرجل ؟ قال أبو بكر : أنا من قريش ، فقال الفتى : بخ بخ أهل الشرف والرياسة ، فمن أي القرشيين أنت ؟ قال : من ولد تيم بن مرة ، فقال الفتى : أمكنت والله الرامي من سواء الثغرة . أمنكم قصي الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى في قريش مجمعا ؟ قال : لا ، قال : فمنكم - أظنه قال - هشام الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف ؟ قال : لا ، قال : فمنكم شيبة الحمد عبد المطلب مطعم طير السماء الذي كان وجهه القمر يضيء في الليلة الداجية الظلماء ؟ قال : لا ، قال : فمن أهل الإفاضة بالناس أنت ؟ قال : لا . قال : فمن أهل الحجابة أنت ؟ قال : لا ، قال فمن أهل السقاية أنت ؟ قال : لا ، قال : فمن أهل النداوة أنت ؟ قال : لا ، قال : فمن أهل الرفادة أنت ؟ قال : فاجتذب أبو بكر رضي الله عنه زمام الناقة راجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الغلام : صادف در السيل درا يدفعه يهضبه حينا وحينا يصدعه أما والله لو ثبت لأخبرتك من قريش ، قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال علي : فقلت : يا أبا بكر ! لقد وقعت من الأعرابي على باقعة ، قال : أجل أبا حسن ما من طامة إلا وفوقها طامة ، والبلاء موكل بالمنطق ، قال : ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار ، فتقدم أبو بكر فسلم ، فقال : ممن القوم ؟ قالوا : من شيبان بن ثعلبة ، فالتفت أبو بكر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : بأبي أنت وأمي هؤلاء غرر الناس ، وفيهم مفروق بن عمرو ، وهانىء بن قبيصة ، والمثنى بن حارثة ، والنعمان بن شريك ، وكان مفروق قد غلبهم جمالا ولسانا ، وكانت له غديرتان تسقطان على تريبته وكان أدنى القوم مجلسا ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : كيف العدد فيكم ؟ فقال مفروق : إنا لنزيد على ألف ، ولن تغلب ألف من قلة . فقال أبو بكر : وكيف المنعمة فيكم ؟ فقال المفروق : علينا الجهد ولكل قوم جهد . فقال أبو بكر رضي الله عنه : كيف الحرب بينكم وبين عدوكم ؟ فقال مفروق : إنا لأشد ما نكون غضبا حين نلقى وإنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب ، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد ، والسلاح على اللقاح ، والنصر من عند الله يديلنا مرة ويديل علينا أخرى ، لعلك أخا قريش . فقال أبو بكر رضي الله عنه : قد بلغكم أنه رسول الله ألا هوذا ، فقال مفروق : بلغنا أنه يذكر ذاك فإلى ما تدعو يا أخا قريش ؟ فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وقام أبو بكر رضي الله عنه يظله بثوبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وإلى أن تئووني وتنصروني ، فإن قريشا قد ظاهرت على أمر الله ، وكذبت رسله ، واستغنت بالباطل عن الحق ، والله هو الغني الحميد . فقال مفروق بن عمرو : وإلام تدعونا يا أخا قريش ، فوالله ما سمعت كلاما أحسن من هذا ؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ] قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم – إلى – فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون [ . فقال مفروق : وإلام تدعونا يا أخا قريش زاد فيه غيره : فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض ؟ ثم رجعنا إلى روايتنا قال : فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ] إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون [ . فقال مفروق بن عمرو : دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك . وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانىء بن قبيصة ، فقال : وهذا هانىء شيخنا وصاحب ديننا ، فقال هانىء : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش إني أرى إن تركنا ديننا واتباعنا على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر أنه زلل في الرأي ، وقلة نظر في العاقبة ، وإنما تكون الزلة مع العجلة ، ومن ورائنا قوم نكره أن يعقد عليهم عقدا ، ولكن نرجع وترجع وننظر وتنظر . وكأنه أحب أن يشركه المثنى بن حارثة ، فقال : وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا ، فقال المثنى بن حارثة : سمعت مقالتك يا أخا قريش ، والجواب فيه جواب هانىء بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتك على دينك ، وإنا إنما نزلنا بين صريين اليمامة ، والسمامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما هذان الصريان ؟ فقال : أنهار كسرى ومياه العرب ، فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول ، وأما ماكان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول ، وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا أن لا نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا وإني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا قرشي مما يكره الملوك ، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق وإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه أرأيتم أن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم أتسبحون الله وتقدسونه ؟ فقال النعمان بن شريك : اللهم فلك ذلك ، قال : فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ] إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا [ . ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم قابضا على يدي أبي بكر وهو يقول : يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها ! بها يدفع الله عز وجل بأس بعضهم عن بعض وبها يتحاجزون فيما بينهم . قال : فدفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج فما نهضنا حتى بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سر بما كان من أبي بكر ومعرفته بأنسابهم .
 
 
الراوي: علي بن أبي طالب
 المحدث: البيهقي
 
 المصدر: دلائل النبوة - الصفحة أو الرقم: 2/422
خلاصة حكم المحدث : ] فيه ] محمد بن زكريا الغلابي وهو متروك
----------------------
 
3- لما أمر الله تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب ، خرج إلى منى وأنا معه ، وأبو بكر رضي الله عنه ، فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب ، فتقدم أبو بكر رضي الله عنه وكان مقدما في كل خير ، وكان رجلا نسابة فسلم ، وقال : ممن القوم ؟ قالوا : من ربيعة . قال : وأي ربيعة أنتم ؟ أمن هامها أي : من لهازمها ؟ فقالوا : من الهامة العظمى ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : وأي هامتها العظمى أنتم ؟ قالوا : من ذهل الأكبر ، قال : منكم عوف الذي يقال له : لا حر بوادي عوف ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم جساس بن مرة حامي الذمار ، ومانع الجار ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم بسطام بن قيس : أبو اللواء ، ومنتهى الأحياء ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم أخوال الملوك من كندة ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم أصحاب الملوك من لخم ؟ قالوا : لا ، قال : أبو بكر : فلستم من ذهل الأكبر أنتم من ذهل الأصغر ، قال : فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له : دغفل حين تبين وجهه فقال : إن على سائلنا أن نسله والعبو لا نعرفه أو نجهله ، يا هذا قد سألتنا فأخبرناك ، ولم نكتمك شيئا فممن الرجل ؟ قال أبو بكر : أنا من قريش ، فقال الفتى : بخ بخ أهل الشرف والرياسة ، فمن أي القرشيين أنت ؟ قال : من ولد تيم بن مرة ، فقال الفتى : أمكنت والله الرامي من سواء الثغرة . أمنكم قصي الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى في قريش مجمعا ؟ قال : لا ، قال : فمنكم - أظنه قال - هشام الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف ؟ قال : لا ، قال : فمنكم شيبة الحمد عبد المطلب مطعم طير السماء الذي كان وجهه القمر يضيء في الليلة الداجية الظلماء ؟ قال : لا ، قال : فمن أهل الإفاضة بالناس أنت ؟ قال : لا . قال : فمن أهل الحجابة أنت ؟ قال : لا ، قال فمن أهل السقاية أنت ؟ قال : لا ، قال : فمن أهل النداوة أنت ؟ قال : لا ، قال : فمن أهل الرفادة أنت ؟ قال : فاجتذب أبو بكر رضي الله عنه زمام الناقة راجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الغلام : صادف در السيل درا يدفعه يهضبه حينا وحينا يصدعه أما والله لو ثبت لأخبرتك من قريش ، قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال علي : فقلت : يا أبا بكر ! لقد وقعت من الأعرابي على باقعة ، قال : أجل أبا حسن ما من طامة إلا وفوقها طامة ، والبلاء موكل بالمنطق ، قال : ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار ، فتقدم أبو بكر فسلم ، فقال : ممن القوم ؟ قالوا : من شيبان بن ثعلبة ، فالتفت أبو بكر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : بأبي أنت وأمي هؤلاء غرر الناس ، وفيهم مفروق بن عمرو ، وهانىء بن قبيصة ، والمثنى بن حارثة ، والنعمان بن شريك ، وكان مفروق قد غلبهم جمالا ولسانا ، وكانت له غديرتان تسقطان على تريبته وكان أدنى القوم مجلسا ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : كيف العدد فيكم ؟ فقال مفروق : إنا لنزيد على ألف ، ولن تغلب ألف من قلة . فقال أبو بكر : وكيف المنعمة فيكم ؟ فقال المفروق : علينا الجهد ولكل قوم جهد . فقال أبو بكر رضي الله عنه : كيف الحرب بينكم وبين عدوكم ؟ فقال مفروق : إنا لأشد ما نكون غضبا حين نلقى وإنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب ، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد ، والسلاح على اللقاح ، والنصر من عند الله يديلنا مرة ويديل علينا أخرى ، لعلك أخا قريش . فقال أبو بكر رضي الله عنه : قد بلغكم أنه رسول الله ألا هوذا ، فقال مفروق : بلغنا أنه يذكر ذاك فإلى ما تدعو يا أخا قريش ؟ فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وقام أبو بكر رضي الله عنه يظله بثوبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وإلى أن تئووني وتنصروني ، فإن قريشا قد ظاهرت على أمر الله ، وكذبت رسله ، واستغنت بالباطل عن الحق ، والله هو الغني الحميد . فقال مفروق بن عمرو : وإلام تدعونا يا أخا قريش ، فوالله ما سمعت كلاما أحسن من هذا ؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ] قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم – إلى – فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون [ . فقال مفروق : وإلام تدعونا يا أخا قريش زاد فيه غيره : فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض ؟ ثم رجعنا إلى روايتنا قال : فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ] إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون [ . فقال مفروق بن عمرو : دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك . وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانىء بن قبيصة ، فقال : وهذا هانىء شيخنا وصاحب ديننا ، فقال هانىء : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش إني أرى إن تركنا ديننا واتباعنا على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر أنه زلل في الرأي ، وقلة نظر في العاقبة ، وإنما تكون الزلة مع العجلة ، ومن ورائنا قوم نكره أن يعقد عليهم عقدا ، ولكن نرجع وترجع وننظر وتنظر . وكأنه أحب أن يشركه المثنى بن حارثة ، فقال : وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا ، فقال المثنى بن حارثة : سمعت مقالتك يا أخا قريش ، والجواب فيه جواب هانىء بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتك على دينك ، وإنا إنما نزلنا بين صريين اليمامة ، والسمامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما هذان الصريان ؟ فقال : أنهار كسرى ومياه العرب ، فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول ، وأما ماكان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول ، وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا أن لا نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا وإني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا قرشي مما يكره الملوك ، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق وإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه أرأيتم أن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم أتسبحون الله وتقدسونه ؟ فقال النعمان بن شريك : اللهم فلك ذلك ، قال : فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ] إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا [ . ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم قابضا على يدي أبي بكر وهو يقول : يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها ! بها يدفع الله عز وجل بأس بعضهم عن بعض وبها يتحاجزون فيما بينهم . قال : فدفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج فما نهضنا حتى بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سر بما كان من أبي بكر ومعرفته بأنسابهم .
 
 
الراوي: علي بن أبي طالب
 المحدث: البيهقي
 
 المصدر: دلائل النبوة – الصفحة أو الرقم: 2/427
خلاصة حكم المحدث: إسناده مجهول
-------------------------
 
فها نحن قد بينا بالدليل والبرهان ، وكيف ان  الناس قد تناقلت هذه الروايات وكأنها صحيحة تماما ، وقد ذكرت هذه القصة في العشرات من المصادر التاريخية التي نقلتها في الأساس من هاتين الرواتين التي ذكرناها .
 
أمرا رأينا أنه ظلم في حق جدنا وسيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فأحببنا ان ننوه عنه ... وندعوا الله ان نكون أصبنا.
اعداد | أحمد عبد النبي فرغل البكري الصديقي