انساب البكريين من كتاب جمل من أنساب الاشراف

28/03/2012 22:49

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

من كتاب :- جمل من أنساب الأشراف - أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البَلَاذُري (المتوفى: 279هـ) - تحقيق: سهيل زكار ورياض الزركلي.

 

------

 

فمن ولد عَبْد الرَّحْمَنِ:

 

مُحَمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ،

جلد فِي الشراب هُوَ ومصعب بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ، جلدهما مروان، وأمه من ولد قَيْس بْن عدي السهمي.

 

وعَبْد اللَّهِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ،

وحفصه، أمهما قريبة بِنْت أَبِي أمية بْن الْمُغِيرَةِ المخزومي، وأمها ابنة عتبة بْن رَبِيعَة.

 

وطلحة بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

وأمه عَائِشَة بِنْت طلحة بْن عُبَيْد اللَّهِ، وأمها أم كلثوم بِنْت أَبِي بَكْر الصديق، وَكَانَ طلحة سخيا وفيه يَقُول الحزين الأشجعي أَوِ الكناني:

فانك يَا طلح أعطيتني ... جمالية تستخف الصغارا

فما كَانَ يفعل لِي مرة ... وَلا مرتين ولكن مرارا

أبوك الَّذِي بايع المصطفى ... وسار مَعَ المهتدي حَيْثُ سارا

فولد طلحة محمدا، وَكَانَ عاملا عَلَى مَكَّة [1] وفيه يَقُول الشاعر:

قد قَالَ لِي صاحبي سرا فقلت لَهُ ... إن ابْن طَلْحَةَ فِي الأركان محتاطا

__________

[1] لعمر بن عبد العزيز. تهذيب التهذيب لابن حجر- ط. حيدر أباد ج 9 ص 237.

 

****

 

وله ولد ينزلون خارجا مِنَ الْمَدِينَةِ، وكانت عَائِشَة بِنْت مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ عند سُلَيْمَان بْن علي وَقَالَ فِيهِ البكائي:

إن فتى تيم بْن مرة الَّذِي ... لعائشة الصغرى وبنت أَبِي بَكْر

وأودعه عروة مالا وخاف أن يكون قد أتلفه، فلما قدم وجده وافرا فتمثل عروة:

وَمَا استخبيت فِي رجل خبيئا ... كدين الصدق أَوْ حسب عتيق

وعَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن أبي بَكْر الَّذِي يقال لَهُ ابْن أَبِي عتيق، رمى بسهم فِي نضال فَقَالَ: أصبت وأنا ابْن أَبِي عتيق، يعني أبا قحافة، ويقال أن مُحَمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ يكنى أبا عتيق.

وَقَالَ أَبُو اليقظان: تناضل عدة من ولد أَبِي بَكْر فَقَالَ أحدهم: أنا ابْن الصديق، وَقَالَ الآخر: أنا ابْن صاحب الغار، وَقَالَ مُحَمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن أَبِي بَكْرٍ: أنا ابْن أَبِي عتيق، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ ابْن أَبِي عتيق ظريفا كثير الملح.

حَدَّثَنِي الْحِرْمَازِيّ وغيره قَالُوا: كَانَ بعض الأعراب منقطعا إِلَى ابْن أَبِي عتيق، ثُمَّ غاب عَنْهُ حينا فإنه جالس عَلَى باب داره بالمدينة إذ مر بِهِ الأعرابي وَهُوَ مقيد بأزواج فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا ويلك؟ قَالَ: لطت [1] حوضا لِي فثلمه بعض جيراني فخطرت يدي خطرة فأصابت صدره فأتى عَلَيْهِ أجله. فَقَالَ:

ولم فعلت ذَلِكَ ويحك؟ فأنشد:

وأي امرئ فِي النَّاس يهدم حوضه ... إذا كَانَ ذا رمح ولمّا يماصع

[2]

__________

[1] لطته: كسوته بالطين. انظر اللسان.

[2] يماصع: يجالد ويضارب. القاموس.

 

*****

 

فَقَالَ ابْن أَبِي عتيق: أنا وَاللَّه كنت أصلحه بكف من طين وَلا يكون فِي رجلي مَا فِي رجلك.

وَحَدَّثَنِي الْحِرْمَازِيّ قَالَ: بعثت عَائِشَة إِلَى ابْن أَبِي عتيق تسأله أن يعيرها بغلة لَهُ لترسل عَلَيْهَا رسولا فِي حاجة لها، فَقَالَ لرسولها: قل لها وَاللَّه مَا غسلنا رءوسنا من عار يَوْم الجمل أفمن رأيك أن تأتينا بيوم البغلة؟

الْمَدَائِنِيّ عَنِ ابْنِ جعدبة قَالَ: سأل ابْن أَبِي عتيق غلامه عَن مرآة لَهُ فَقَالَ: جلوتها بدرهمين فَقَالَ: وَاللَّه لو صديت عين الشمس ما ساوى جلاؤها درهمين.

وكانت عَائِشَة بِنْت طلحة سيئة الخلق، فاعتزلت عمر بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن معمر غضبى عَلَيْهِ وجلست فِي غرفة لها، ورفعت السلم، فَقَالَ عمر:

ترضها لِي ولك عشرة آلاف درهم، فوقف أسفل الغرفة ثُمَّ قَالَ: يَا بِنْت عم. إنّ هَذَا الرجل قد جعل لِي عشرة آلاف درهم إذا أنت رضيت، فأظهري الرضا عَنْهُ وضعي السلم، ثُمَّ عودي إِلَى مَا عوده اللَّه من سوء خلقك.

قَالَ: وسمع ابْن أَبِي عتيق عمر بْن أَبِي رَبِيعَةَ ينشد:

من رسولي إِلَى الثريا بأني ... ضقت ذرعا بهجرها والكتاب

[1] فَقَالَ: أنا الرسول ومضى إِلَى مَكَّةَ، ويقال إِلَى الطائف فأنشدها البيت، ثُمَّ عدل راحلته منصرفا، فسئل أن يقيم فَقَالَ: إن مقامي بعد قضاء حاجتي جهل وفراغ. وانصرف.

__________

[1] ديوان عمر بن أبي ربيعة ص 430.

 

*******

 

وذكر ابْن أَبِي عتيق رجل من المغنين فَقَالَ: رحمه اللَّه فقد كَانَ يحسن غناء:

لمن ربع بذات الجي [1] ... ش أضحى دارسا خلقا

[2] وقام منصرفا، ثُمَّ رجع فَقَالَ: لخفيفه لا لثقيلة، ثُمَّ مضى، ويقال إنه قَالَ ذَلِكَ للدلال [3] حين خصي قَالَ: لئن خصيتموه لقد كَانَ يحسن هَذَا الصوت.

وعاد ابْن أَبِي عتيق عَائِشَة أم الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فَقَالَ: يَا أم الْمُؤْمِنِينَ كيف تجدينك جعلني اللَّه فداك؟ قَالَت: وجعة مَا أراني أمسي، فَقَالَ: لا جعلني اللَّه إذا فداءك.

قَالُوا وأنشد نصيب [4] وَكَانَ أسود:

وددت ولم أخلق من الطين أنني ... أعار جناحي طائر فأطير

فَقَالَ ابْن أَبِي عتيق: يابن أم قل: غاق فإنك تطير- أي أنك أسود-.

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِح الْمُقْرِئ عَن ابْن كناسة الأسدي قَالَ: كَانَ ابْن أَبِي عتيق وأصحاب لَهُ يجتمعون بالمدينة فِي مَسْجِد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فينشدون الشعر وَكَانَ بناحية من المسجد رجل يصلي فيطيل الصلاة في كل

__________

[1] موضع قرب المدينة. معجم البلدان.

[2] شعر الأحوص الأنصاري ص 205.

[3] كان مخنثا من ظرفاء المدينة، خصاه أبو بكر بن حزم بأمر من سليمان بن عبد الملك. الأغاني ج 4 ص 273- 278.

[4] نصيب بن رباح مولى عبد العزيز بن مروان، كان شاعرا مجودا في النسيب والمديح.

انظر شعره. ط. بغداد 1968 ص 91 مع فوارق.

 

********

 

يَوْم فإذا سلم قَالَ لهم: يَا فسقة أتنشدون الشعر فِي مَسْجِد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فانصرف ابن أَبِي عتيق يوما من المسجد فقالت لَهُ جاريته إن رجلا يصلي قرب حلقتكم يتعرض بي ويدعوني إِلَى مَا لا يحل لَهُ، فَقَالَ: ويحك عديه فإذا دخل إِلَيْك فآذنيني بِهِ، فلما عرض لها أدخلته منزل مولاها فآذنته فلم يلبث أن جاء ابْن أَبِي عتيق وأصحابه فقالت الجارية للرجل: قد جاء مولاي فادخل هَذِهِ الحجلة [1] فدخلها وزرتها عَلَيْهِ، ودعا ابْن أَبِي عتيق بالطعام فأتي بِهِ فأكل هُوَ وأصحابه، ثُمَّ قَالَ: يَا جارية افتحي الحجلة حَتَّى أنام فلما فتحتها نظر الرجل إليهم فَقَالَ: يَا فسقة، مَا تصنعون هاهنا؟ فَقَالَ لَهُ ابْن أَبِي عتيق: استر علينا ستر اللَّه عليك، فخرج الرجل ولم يعد إِلَى المسجد.

ونزل ابْن أَبِي عتيق عَن بغلته فبال، ثُمَّ حمله أصحابه عَلَى البغلة فَقَالَ: قد قضيتم مَا عليكم من حملي وبقي مَا علي من الاستمساك.

 

ومن ولد عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عنهم: شعيب بْن طَلْحَة بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو مُحَمَّد،

مات سنة أربع، ويقال خمس وسبعين ومائة.

 

وأما عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْرٍ

فإنه شهد يَوْم الطائف مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجرح جراحة انتقضت بِهِ بعد فمات مِنْهَا.

وَقَالَ الْهَيْثَم بْن عدي: تزوج عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْر عاتكة بِنْت زَيْد فغلبته على رأيه وشغلته عَن سوقه، فأمره أَبُو بَكْر بطلاقها فطلقها واحدة، ثُمَّ قعد لأبيه على الطريق فلما رأى أباه بكى وأنشده:

لم أر مثلي طلق العام مثلها ... ولا مثلها في غير ذنب تطلق

__________

[1] الحجلة كالقبة وموضع يزين بالثياب والستور للعروس. القاموس.

 

******

 

لها خلق جزل ورأي ومنصب ... وخلق سوي فِي الحياة ومنطق

فأمره بمراجعتها.

وَقَالَ أَبُو اليقظان: شهد عَبْد اللَّهِ يَوْم الطائف مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجرح بسهم، ثُمَّ بقي إِلَى زمن أَبِيهِ، وتزوج عاتكة بِنْت زَيْد بْن عَمْرو العدوي، فكانت عاقرا لا تطمث وَلا تلد، فأمره أَبُو بَكْر بطلاقها فَقَالَ فِي ذَلِكَ:

يقولون طلقها وامسك مكانها ... وذلك قول من رشيد وحازم

وإن فراقي أهل بيت جمعتهم ... عَلَى كبر مني لإحدى العظائم

وَقَالَ أَيْضًا:

لم أر مثلي طلق الْيَوْم مثلها ... وَلا مثلها فِي غير شَيْء تطلق

فطلقها وجعل لها مالا عَلَى أن لا تتزوج بعده، ولما هلك ترك سبعة دنانير فاستكثرها أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ.

وقالت عَائِشَة بِنْت زَيْد ترثيه وخلف عَلَيْهَا عمر:

فأقسمت لا تنفك عيني سخينة ... عليك وَلا ينفك جلدي أغبرا

فولد عَبْد اللَّهِ إِسْمَاعِيل، فهلك وَلا عقب لِعَبْدِ اللَّهِ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أخرج أَبُو بَكْر السهم الَّذِي رمي بِهِ عَبْد اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو محجن الثَّقَفِيّ: أنا بريته ورشته ورميته بِهِ، ثُمَّ رزق اللَّه الإِسْلام.

وقد كتبنا خبر أم الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَة، وخبر أسماء بِنْت أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عنهم.

وَقَالَ أَبُو اليقظان: ولدت أسماء للزبير عدة، وأراد مرة أن يضربها، فمنعه عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر من ذَلِكَ فَقَالَ الزُّبَيْر: إن لم تخل عني فهي طالق. فَقَالَ: لا وَاللَّه لا تحلف بطلاقها بعد هَذِهِ ومنعه مِنْهَا فطلقها، وكانت

 

******

مَعَ عَبْد اللَّهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ فلما أتيت بجيفته عزاها عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ فَقَالَتْ: وَمَا يمنعني من الصبر وقد أهدي رأس يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا إِلَى بغي من بغايا بني إِسْرَائِيل، ثُمَّ بقيت أسماء حَتَّى بلغت مائة سنة وماتت بِمَكَّةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا.

 

وأما مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عنهما،

وأمه أسماء بِنْت عميس الخثعمية فكان من خبره رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بمصر وغيرها مَا قد ذكرنا، وَكَانَ يكنى أبا الْقَاسِم، وَكَانَ من فتيان قُرَيْش، وَكَانَ ممن أعان عَلَى عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ.

فولد مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْرٍ:

 

الْقَاسِم بْن مُحَمَّد

لأم ولد، وَكَانَ يكنى أبا عَبْد الرَّحْمَنِ، وَكَانَ فقيها.

وَقَالَ ابْن سَعْد: ويكنى أبا مُحَمَّد ومات فِي سنة اثنتي عشرة ومائة وَهُوَ ابْن سبعين سنة، ويقال اثنتين وسبعين سنة، ويقال مات فِي سنة ثمان ومائة.

وَكَانَ قد كف بصره [1] .

حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الأعرابي الراوية عَن سَعِيد بْن سلم الباهلي عَن أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَوْفٍ عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّد أنه كَانَ يصلي ثُمَّ يسجد فيقول: اللَّهُمَّ أغفر لأبي ذنبه فِي عُثْمَان.

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْن أَنَسٍ قَالَ: أتى الْقَاسِم أميرا من أمراء الْمَدِينَة فسأله عَن شَيْء فَقَالَ الْقَاسِم: إن من إكرام المرء نفسه أَلا يَقُول إِلا مَا أحاط بِهِ علمه.

وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: كَانَ الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر فقيها

__________

[1] طبقات ابن سعد ج 5 ص 194.

 

******

 

صالحا، وَكَانَ يَقُول: من خاف اللَّه فِي الدنيا أمن عذابه فِي الآخرة، وَقَالَ:

التقى زاد المؤمن.

وسئل الْقَاسِم بْن مُحَمَّد عَن الرجل يكلم امرأته بالرفث إذا خلا، فَقَالَ: إذا غلقت الأبواب فليصنع مَا شاء.

وَقَالَ أَبُو اليقظان: ولد الْقَاسِم بْن مُحَمَّد: عَبْد الرَّحْمَنِ،

 

وأم فروة،

تزوجها مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بن أبي طالب، ولعَبْد الرَّحْمَنِ عقب بالمدينة.

قَالَ ابْن سَعْد:

 

مات عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر

أَبُو مُحَمَّد بالفدين من الشام سنة ست وعشرين ومائة، وَكَانَ الْوَليِد [1] بعث إِلَيْهِ وإلى ابْن أَبِي الزناد، وَمُحَمَّد بْن المنكدر، وربيعة الرأي فمات فشهدوه.

وأراد عُمَر بْن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تزوج أم كلثوم بِنْت أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ خطبها إِلَى عَائِشَة فأنعمت لَهُ وكرهته أم كلثوم، فاستحيت عَائِشَة من عمر، فبعثت إِلَى عَمْرو بْن الْعَاصِ فأخبرته الخبر، فَقَالَ: أنا أحتال فِي هَذَا الأمر، فأتى عمر فَقَالَ: بلغني أنك ذكرت أم كلثوم ولست أرى لك أن تزوجها لأنها مرفهة عند عَائِشَة، فإن حملتها عَلَى معيشتك وخلقك خفت أَلا تصبر فتكون القطيعة بينك وبين آل أَبِي بَكْرٍ، وإن تابعتها عَلَى خلقها أضرت بدينك. فَقَالَ عمر: لقد قلت قولا فما الحيلة؟ قَالَ: أنا أكفيك. قَالَ:

فافعل. فأتى عَائِشَة فأخبرها الخبر ثُمَّ انصرف إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عمر: نشدتك اللَّه هل كنت لقيت عَائِشَة؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نعم. فتزوجها طلحة بْن عُبَيْد الله

__________

[1] الوليد بن يزيد بعث يستفتيهم عن الطلاق قبل النكاح، والفدين بلدة من أرض حوران. معجم البلدان.

 

******

 

فقتل عَنْهَا فتزوجها عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عُمَرَ بْن أَبِي رَبِيعَةَ المخزومي فولدت لَهُ.

 

ومن ولد أَبِي بَكْر عَبْد اللَّهِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن الْقَاسِم،

ولي قضاء الْمَدِينَة أيام حسن بْن زَيْد.

وَقَالَ خفاف بْن ندبة- وَهِيَ أمة أخيذة لبني الْحَارِث بْن كعب، وَهِيَ سوداء، وأبوه عَمير بْن الْحَارِث بْن الشريد- السلمي:

ليس لحي فاعلمي من بقاء ... وكل دنيا قصرها للفناء

والمال فِي الأقوام مستودع ... عارية والشرط فِيهِ الأداء

إن أَبَا بكر هو الغيث إذ لم ... ينبت الجوزاء بقلا بماء

فِي أبيات:

وقال ابن الكلبي: وتوفي أبو بكر بالمدينة ليلة الثلاثاء لثماني ليال بقين من جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة وَهُوَ ابْن ثلاث وستين وصلى عليه عمر، ودفن ليلا.

 

-----

انتهى النقل بفضل الله ..

 

أحمد عبد النبي فرغل الدعباسي الصديقيالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

من كتاب :- جمل من أنساب الأشراف - أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البَلَاذُري (المتوفى: 279هـ) - تحقيق: سهيل زكار ورياض الزركلي.

 

------

 

فمن ولد عَبْد الرَّحْمَنِ:

 

مُحَمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ،

جلد فِي الشراب هُوَ ومصعب بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ، جلدهما مروان، وأمه من ولد قَيْس بْن عدي السهمي.

 

وعَبْد اللَّهِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ،

وحفصه، أمهما قريبة بِنْت أَبِي أمية بْن الْمُغِيرَةِ المخزومي، وأمها ابنة عتبة بْن رَبِيعَة.

 

وطلحة بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

وأمه عَائِشَة بِنْت طلحة بْن عُبَيْد اللَّهِ، وأمها أم كلثوم بِنْت أَبِي بَكْر الصديق، وَكَانَ طلحة سخيا وفيه يَقُول الحزين الأشجعي أَوِ الكناني:

فانك يَا طلح أعطيتني ... جمالية تستخف الصغارا

فما كَانَ يفعل لِي مرة ... وَلا مرتين ولكن مرارا

أبوك الَّذِي بايع المصطفى ... وسار مَعَ المهتدي حَيْثُ سارا

فولد طلحة محمدا، وَكَانَ عاملا عَلَى مَكَّة [1] وفيه يَقُول الشاعر:

قد قَالَ لِي صاحبي سرا فقلت لَهُ ... إن ابْن طَلْحَةَ فِي الأركان محتاطا

__________

[1] لعمر بن عبد العزيز. تهذيب التهذيب لابن حجر- ط. حيدر أباد ج 9 ص 237.

 

****

 

وله ولد ينزلون خارجا مِنَ الْمَدِينَةِ، وكانت عَائِشَة بِنْت مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ عند سُلَيْمَان بْن علي وَقَالَ فِيهِ البكائي:

إن فتى تيم بْن مرة الَّذِي ... لعائشة الصغرى وبنت أَبِي بَكْر

وأودعه عروة مالا وخاف أن يكون قد أتلفه، فلما قدم وجده وافرا فتمثل عروة:

وَمَا استخبيت فِي رجل خبيئا ... كدين الصدق أَوْ حسب عتيق

وعَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن أبي بَكْر الَّذِي يقال لَهُ ابْن أَبِي عتيق، رمى بسهم فِي نضال فَقَالَ: أصبت وأنا ابْن أَبِي عتيق، يعني أبا قحافة، ويقال أن مُحَمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ يكنى أبا عتيق.

وَقَالَ أَبُو اليقظان: تناضل عدة من ولد أَبِي بَكْر فَقَالَ أحدهم: أنا ابْن الصديق، وَقَالَ الآخر: أنا ابْن صاحب الغار، وَقَالَ مُحَمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن أَبِي بَكْرٍ: أنا ابْن أَبِي عتيق، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ ابْن أَبِي عتيق ظريفا كثير الملح.

حَدَّثَنِي الْحِرْمَازِيّ وغيره قَالُوا: كَانَ بعض الأعراب منقطعا إِلَى ابْن أَبِي عتيق، ثُمَّ غاب عَنْهُ حينا فإنه جالس عَلَى باب داره بالمدينة إذ مر بِهِ الأعرابي وَهُوَ مقيد بأزواج فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا ويلك؟ قَالَ: لطت [1] حوضا لِي فثلمه بعض جيراني فخطرت يدي خطرة فأصابت صدره فأتى عَلَيْهِ أجله. فَقَالَ:

ولم فعلت ذَلِكَ ويحك؟ فأنشد:

وأي امرئ فِي النَّاس يهدم حوضه ... إذا كَانَ ذا رمح ولمّا يماصع

[2]

__________

[1] لطته: كسوته بالطين. انظر اللسان.

[2] يماصع: يجالد ويضارب. القاموس.

 

*****

 

فَقَالَ ابْن أَبِي عتيق: أنا وَاللَّه كنت أصلحه بكف من طين وَلا يكون فِي رجلي مَا فِي رجلك.

وَحَدَّثَنِي الْحِرْمَازِيّ قَالَ: بعثت عَائِشَة إِلَى ابْن أَبِي عتيق تسأله أن يعيرها بغلة لَهُ لترسل عَلَيْهَا رسولا فِي حاجة لها، فَقَالَ لرسولها: قل لها وَاللَّه مَا غسلنا رءوسنا من عار يَوْم الجمل أفمن رأيك أن تأتينا بيوم البغلة؟

الْمَدَائِنِيّ عَنِ ابْنِ جعدبة قَالَ: سأل ابْن أَبِي عتيق غلامه عَن مرآة لَهُ فَقَالَ: جلوتها بدرهمين فَقَالَ: وَاللَّه لو صديت عين الشمس ما ساوى جلاؤها درهمين.

وكانت عَائِشَة بِنْت طلحة سيئة الخلق، فاعتزلت عمر بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن معمر غضبى عَلَيْهِ وجلست فِي غرفة لها، ورفعت السلم، فَقَالَ عمر:

ترضها لِي ولك عشرة آلاف درهم، فوقف أسفل الغرفة ثُمَّ قَالَ: يَا بِنْت عم. إنّ هَذَا الرجل قد جعل لِي عشرة آلاف درهم إذا أنت رضيت، فأظهري الرضا عَنْهُ وضعي السلم، ثُمَّ عودي إِلَى مَا عوده اللَّه من سوء خلقك.

قَالَ: وسمع ابْن أَبِي عتيق عمر بْن أَبِي رَبِيعَةَ ينشد:

من رسولي إِلَى الثريا بأني ... ضقت ذرعا بهجرها والكتاب

[1] فَقَالَ: أنا الرسول ومضى إِلَى مَكَّةَ، ويقال إِلَى الطائف فأنشدها البيت، ثُمَّ عدل راحلته منصرفا، فسئل أن يقيم فَقَالَ: إن مقامي بعد قضاء حاجتي جهل وفراغ. وانصرف.

__________

[1] ديوان عمر بن أبي ربيعة ص 430.

 

*******

 

وذكر ابْن أَبِي عتيق رجل من المغنين فَقَالَ: رحمه اللَّه فقد كَانَ يحسن غناء:

لمن ربع بذات الجي [1] ... ش أضحى دارسا خلقا

[2] وقام منصرفا، ثُمَّ رجع فَقَالَ: لخفيفه لا لثقيلة، ثُمَّ مضى، ويقال إنه قَالَ ذَلِكَ للدلال [3] حين خصي قَالَ: لئن خصيتموه لقد كَانَ يحسن هَذَا الصوت.

وعاد ابْن أَبِي عتيق عَائِشَة أم الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فَقَالَ: يَا أم الْمُؤْمِنِينَ كيف تجدينك جعلني اللَّه فداك؟ قَالَت: وجعة مَا أراني أمسي، فَقَالَ: لا جعلني اللَّه إذا فداءك.

قَالُوا وأنشد نصيب [4] وَكَانَ أسود:

وددت ولم أخلق من الطين أنني ... أعار جناحي طائر فأطير

فَقَالَ ابْن أَبِي عتيق: يابن أم قل: غاق فإنك تطير- أي أنك أسود-.

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِح الْمُقْرِئ عَن ابْن كناسة الأسدي قَالَ: كَانَ ابْن أَبِي عتيق وأصحاب لَهُ يجتمعون بالمدينة فِي مَسْجِد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فينشدون الشعر وَكَانَ بناحية من المسجد رجل يصلي فيطيل الصلاة في كل

__________

[1] موضع قرب المدينة. معجم البلدان.

[2] شعر الأحوص الأنصاري ص 205.

[3] كان مخنثا من ظرفاء المدينة، خصاه أبو بكر بن حزم بأمر من سليمان بن عبد الملك. الأغاني ج 4 ص 273- 278.

[4] نصيب بن رباح مولى عبد العزيز بن مروان، كان شاعرا مجودا في النسيب والمديح.

انظر شعره. ط. بغداد 1968 ص 91 مع فوارق.

 

********

 

يَوْم فإذا سلم قَالَ لهم: يَا فسقة أتنشدون الشعر فِي مَسْجِد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فانصرف ابن أَبِي عتيق يوما من المسجد فقالت لَهُ جاريته إن رجلا يصلي قرب حلقتكم يتعرض بي ويدعوني إِلَى مَا لا يحل لَهُ، فَقَالَ: ويحك عديه فإذا دخل إِلَيْك فآذنيني بِهِ، فلما عرض لها أدخلته منزل مولاها فآذنته فلم يلبث أن جاء ابْن أَبِي عتيق وأصحابه فقالت الجارية للرجل: قد جاء مولاي فادخل هَذِهِ الحجلة [1] فدخلها وزرتها عَلَيْهِ، ودعا ابْن أَبِي عتيق بالطعام فأتي بِهِ فأكل هُوَ وأصحابه، ثُمَّ قَالَ: يَا جارية افتحي الحجلة حَتَّى أنام فلما فتحتها نظر الرجل إليهم فَقَالَ: يَا فسقة، مَا تصنعون هاهنا؟ فَقَالَ لَهُ ابْن أَبِي عتيق: استر علينا ستر اللَّه عليك، فخرج الرجل ولم يعد إِلَى المسجد.

ونزل ابْن أَبِي عتيق عَن بغلته فبال، ثُمَّ حمله أصحابه عَلَى البغلة فَقَالَ: قد قضيتم مَا عليكم من حملي وبقي مَا علي من الاستمساك.

 

ومن ولد عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عنهم: شعيب بْن طَلْحَة بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو مُحَمَّد،

مات سنة أربع، ويقال خمس وسبعين ومائة.

 

وأما عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْرٍ

فإنه شهد يَوْم الطائف مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجرح جراحة انتقضت بِهِ بعد فمات مِنْهَا.

وَقَالَ الْهَيْثَم بْن عدي: تزوج عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْر عاتكة بِنْت زَيْد فغلبته على رأيه وشغلته عَن سوقه، فأمره أَبُو بَكْر بطلاقها فطلقها واحدة، ثُمَّ قعد لأبيه على الطريق فلما رأى أباه بكى وأنشده:

لم أر مثلي طلق العام مثلها ... ولا مثلها في غير ذنب تطلق

__________

[1] الحجلة كالقبة وموضع يزين بالثياب والستور للعروس. القاموس.

 

******

 

لها خلق جزل ورأي ومنصب ... وخلق سوي فِي الحياة ومنطق

فأمره بمراجعتها.

وَقَالَ أَبُو اليقظان: شهد عَبْد اللَّهِ يَوْم الطائف مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجرح بسهم، ثُمَّ بقي إِلَى زمن أَبِيهِ، وتزوج عاتكة بِنْت زَيْد بْن عَمْرو العدوي، فكانت عاقرا لا تطمث وَلا تلد، فأمره أَبُو بَكْر بطلاقها فَقَالَ فِي ذَلِكَ:

يقولون طلقها وامسك مكانها ... وذلك قول من رشيد وحازم

وإن فراقي أهل بيت جمعتهم ... عَلَى كبر مني لإحدى العظائم

وَقَالَ أَيْضًا:

لم أر مثلي طلق الْيَوْم مثلها ... وَلا مثلها فِي غير شَيْء تطلق

فطلقها وجعل لها مالا عَلَى أن لا تتزوج بعده، ولما هلك ترك سبعة دنانير فاستكثرها أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ.

وقالت عَائِشَة بِنْت زَيْد ترثيه وخلف عَلَيْهَا عمر:

فأقسمت لا تنفك عيني سخينة ... عليك وَلا ينفك جلدي أغبرا

فولد عَبْد اللَّهِ إِسْمَاعِيل، فهلك وَلا عقب لِعَبْدِ اللَّهِ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أخرج أَبُو بَكْر السهم الَّذِي رمي بِهِ عَبْد اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو محجن الثَّقَفِيّ: أنا بريته ورشته ورميته بِهِ، ثُمَّ رزق اللَّه الإِسْلام.

وقد كتبنا خبر أم الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَة، وخبر أسماء بِنْت أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عنهم.

وَقَالَ أَبُو اليقظان: ولدت أسماء للزبير عدة، وأراد مرة أن يضربها، فمنعه عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر من ذَلِكَ فَقَالَ الزُّبَيْر: إن لم تخل عني فهي طالق. فَقَالَ: لا وَاللَّه لا تحلف بطلاقها بعد هَذِهِ ومنعه مِنْهَا فطلقها، وكانت

 

******

مَعَ عَبْد اللَّهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ فلما أتيت بجيفته عزاها عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ فَقَالَتْ: وَمَا يمنعني من الصبر وقد أهدي رأس يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا إِلَى بغي من بغايا بني إِسْرَائِيل، ثُمَّ بقيت أسماء حَتَّى بلغت مائة سنة وماتت بِمَكَّةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا.

 

وأما مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عنهما،

وأمه أسماء بِنْت عميس الخثعمية فكان من خبره رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بمصر وغيرها مَا قد ذكرنا، وَكَانَ يكنى أبا الْقَاسِم، وَكَانَ من فتيان قُرَيْش، وَكَانَ ممن أعان عَلَى عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ.

فولد مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْرٍ:

 

الْقَاسِم بْن مُحَمَّد

لأم ولد، وَكَانَ يكنى أبا عَبْد الرَّحْمَنِ، وَكَانَ فقيها.

وَقَالَ ابْن سَعْد: ويكنى أبا مُحَمَّد ومات فِي سنة اثنتي عشرة ومائة وَهُوَ ابْن سبعين سنة، ويقال اثنتين وسبعين سنة، ويقال مات فِي سنة ثمان ومائة.

وَكَانَ قد كف بصره [1] .

حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الأعرابي الراوية عَن سَعِيد بْن سلم الباهلي عَن أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَوْفٍ عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّد أنه كَانَ يصلي ثُمَّ يسجد فيقول: اللَّهُمَّ أغفر لأبي ذنبه فِي عُثْمَان.

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْن أَنَسٍ قَالَ: أتى الْقَاسِم أميرا من أمراء الْمَدِينَة فسأله عَن شَيْء فَقَالَ الْقَاسِم: إن من إكرام المرء نفسه أَلا يَقُول إِلا مَا أحاط بِهِ علمه.

وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: كَانَ الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر فقيها

__________

[1] طبقات ابن سعد ج 5 ص 194.

 

******

 

صالحا، وَكَانَ يَقُول: من خاف اللَّه فِي الدنيا أمن عذابه فِي الآخرة، وَقَالَ:

التقى زاد المؤمن.

وسئل الْقَاسِم بْن مُحَمَّد عَن الرجل يكلم امرأته بالرفث إذا خلا، فَقَالَ: إذا غلقت الأبواب فليصنع مَا شاء.

وَقَالَ أَبُو اليقظان: ولد الْقَاسِم بْن مُحَمَّد: عَبْد الرَّحْمَنِ،

 

وأم فروة،

تزوجها مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بن أبي طالب، ولعَبْد الرَّحْمَنِ عقب بالمدينة.

قَالَ ابْن سَعْد:

 

مات عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر

أَبُو مُحَمَّد بالفدين من الشام سنة ست وعشرين ومائة، وَكَانَ الْوَليِد [1] بعث إِلَيْهِ وإلى ابْن أَبِي الزناد، وَمُحَمَّد بْن المنكدر، وربيعة الرأي فمات فشهدوه.

وأراد عُمَر بْن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تزوج أم كلثوم بِنْت أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ خطبها إِلَى عَائِشَة فأنعمت لَهُ وكرهته أم كلثوم، فاستحيت عَائِشَة من عمر، فبعثت إِلَى عَمْرو بْن الْعَاصِ فأخبرته الخبر، فَقَالَ: أنا أحتال فِي هَذَا الأمر، فأتى عمر فَقَالَ: بلغني أنك ذكرت أم كلثوم ولست أرى لك أن تزوجها لأنها مرفهة عند عَائِشَة، فإن حملتها عَلَى معيشتك وخلقك خفت أَلا تصبر فتكون القطيعة بينك وبين آل أَبِي بَكْرٍ، وإن تابعتها عَلَى خلقها أضرت بدينك. فَقَالَ عمر: لقد قلت قولا فما الحيلة؟ قَالَ: أنا أكفيك. قَالَ:

فافعل. فأتى عَائِشَة فأخبرها الخبر ثُمَّ انصرف إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عمر: نشدتك اللَّه هل كنت لقيت عَائِشَة؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نعم. فتزوجها طلحة بْن عُبَيْد الله

__________

[1] الوليد بن يزيد بعث يستفتيهم عن الطلاق قبل النكاح، والفدين بلدة من أرض حوران. معجم البلدان.

 

******

 

فقتل عَنْهَا فتزوجها عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عُمَرَ بْن أَبِي رَبِيعَةَ المخزومي فولدت لَهُ.

 

ومن ولد أَبِي بَكْر عَبْد اللَّهِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن الْقَاسِم،

ولي قضاء الْمَدِينَة أيام حسن بْن زَيْد.

وَقَالَ خفاف بْن ندبة- وَهِيَ أمة أخيذة لبني الْحَارِث بْن كعب، وَهِيَ سوداء، وأبوه عَمير بْن الْحَارِث بْن الشريد- السلمي:

ليس لحي فاعلمي من بقاء ... وكل دنيا قصرها للفناء

والمال فِي الأقوام مستودع ... عارية والشرط فِيهِ الأداء

إن أَبَا بكر هو الغيث إذ لم ... ينبت الجوزاء بقلا بماء

فِي أبيات:

وقال ابن الكلبي: وتوفي أبو بكر بالمدينة ليلة الثلاثاء لثماني ليال بقين من جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة وَهُوَ ابْن ثلاث وستين وصلى عليه عمر، ودفن ليلا.

 

-----

انتهى النقل بفضل الله ..

 

أحمد عبد النبي فرغل الدعباسي الصديقي